التّجويد
إنّ
التجويد في اللغة يعني: الإتيان بالشّيء الجيّد، وأمّا في الاصطلاح فقد عرّفه العلماء على أنّه: هو علم يعرف به
إخراج كلّ حرف من مخرجه، متصفاً بصفاته.
وقد وصل إلينا هذا العلم
من خلال أئمّة ثقات، وضعوا أصوله، وقاموا باستنباط أحكامه، وذلك من خلال قراءة
النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - المأثورة،
وصحابته، والتّابعين.
الهدف الرّئيسي من
هذا العلم هو حفظ اللسان من الوقوع في اللحن عند قراءة ألفاظ القرآن الكريم،
وعند أدائه، ولذلك فإنّ مراعاة قوانين قراءته فرض عيّن على كلّ شخص مكلّف.
أحكام النون الساكنة والتنوين:
وتحت هذا تندرج العديد من
الأحكام التي تحتاج إلى تفصيل دقيق، نذكر منها على وجه الإجمال لا التفصيل:
الإظهار الحلقي:
والإظهار لغةً يعني: البيان والوضوح.
الإظهار اصطلاحاً: هو إخراج كلّ حرف من
مخرجه من غير غنّة في الحرف المظهر.
وأمّا حروف الإظهار فهي
حروف الحلق: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء، وعدد حروف الإظهار
ستّة أحرف، تمّ جمعها مع بعضها البعض في أوائل حروف شطر هذا البيت، وهي: أخي هاك
علماً حازه غير خاسر.
مراتب الإظهار:
للإظهار عدّة مراتب، هي:
§ أعلى مرتبة ظهوراً: وتكون عند حرفي الهمزة
والهاء؛ وذلك لأنّهما يخرجان من أقصى الحلق.
§ أوسط مرتبة ظهوراً: وتكون
عند حرفي العين والحاء؛ وذلك لأنّهما يخرجان من وسط الحلق.
§ أدنى مرتبة ظهوراً: وتكون عند حرفي الغين
والخاء؛ وذلك لأنّهما يخرجان من أدنى الحلق.
وأمّا الأمثلة
على الإظهار فمنها: وَمَنْ أَعْرَضَ، كُلٌّ آمَنَ، الْأَنْهارُ، مِنْ هادٍ،
فَرِيقاً هَدى، هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ.
الإدغام:
الإدغام في اللغة هو: إدخال شيء في شيء.
الادغام اصطلاحاً فهو: إدخال الحرف السّاكن
في الحرف المتحرّك، حيث يصيران حرّفاً واحداً مشدّداً.
وحروف الإدغام ستّة، وقد
قام صاحب التّحفة بجمعها في كلمة: يرملون.
اقسام الإدغام:
وللإدغام قسمان
أساسيّان هما: الإدغام بغنّة. الإدغام بغير غنّة.
وحروف الإدغام
بغنّة أربعة: مجموعة في كلمة ينمو، فإذا جاء حرف من هذه
الأحرف بعد النّون السّاكنة أو التّنوين، على شرط أن تكون النّون السّاكنة قد جاءت
في نهاية الكلمة الأولى، وحرف الإدغام في بداية الكلمة الثّانية، فيكون الحكم
حينها هو الإدغام، أو بعد التّنوين، ولا يكون ذلك إلا من كلمتين أيضاً.
وشرط الإدغام عدم
اجتماع النّون السّاكنة مع حروف الإدغام في كلمة واحدة.
والأمثلة
على الإدغام كثيرة، منها: وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ.
الإقلاب:
والإقلاب في اللغة يعني: تحويل
الشّيء عن وجهته، ويقال: قلب الشّيء: أي حوّل عن وجهته.
وأمّا في الاصطلاح: وضع حرف مكان حرف آخر، وهو
عبارة عن قلب للنون السّاكنة ونون التنوين ميماً خالصةً لفظاً لا خطاً، قبل حرف
الباء مع الغنّة والإخفاء.
وللإقلاب
حرف واحد وهو حرف الباء، ففي حال جاء حرف الباء بعد النّون السّاكنة،
سواءً أكان ذلك من كلمة أو من كلمتين، أو بعد التنوين والذي لا يكون إلا من
كلمتين، فإنّه يجب في هذه الحالة إقلاب النّون ميماً؛ والسّبب في ذلك
هو صعوبة الإتيان بالنّون السّاكنة ونون التنوين للإظهار والإدغام، بسبب الثّقل
عند النّطق؛ وذلك يعود إلى الاختلاف في مخرج كلّ من الباء والنّون السّاكنة.
أشكال الإقلاب:
والإقلاب
يتمّ على الشّكل التّالي: نقلب النّون السّاكنة أو نون التّنوين ميماً
لفظاً. نخفيها عند حرف الباء.
يصحب الإخفاء إعطاء
غنّة للميم المقلوبة.
وأمّا العلامة التي تدلّ
على وجوب الإقلاب في المصحف فهي وجود حرف ميم فوق حرف النّون، مثل: أَنْبِئْهُمْ؛
لتدلّ على وجوب الإقلاب هنا، ويجب الانتباه إلى جعل فرجة بين الشّفتين أثناء
النّطق، ولا يتمّ إطباق الشّفتين إطباقاً تامًاً، بل يكون ذلك بتلطف، من غير أيّ
ثقل أو تعسّف.
ومن الأمثلة على
الإقلاب: الْأَنْباءِ، وَمِنْ بَعْدُ.
الإخفاء:
والإخفاء في اللغة يعني: السّتر،
ويقال: اختفى الرّجل عن أعين النّاس، أي استتر عنهم.
وفي الاصطلاح: هو النّطق بحرف ساكن
عار من التّشديد بين صفتي الإظهار والإدغام، مع بقاء الغنّة.
وأمّا حروف الإخفاء فهي
خمسة عشر حرفاً: وهي ما تبقّى بعد إعطاء ستّة أحرف للإظهار، وستّة أحرف أخرى
للإدغام على شقّيه، وحرف واحد للإقلاب.
وهي مجموعة في أوائل حروف
بيت الشّعر الذي ذكره صاحب التّحفة:
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد
سما
دم طيّباً زد في تقى ضع ظالماً.
ففي حال جاء أيّ حرف من هذه الحروف بعد
النّون السّاكنة سواءً أكان من كلمة أو من كلمتين، أو بعد التّنوين والذي لا يكون
إلا من كلمتين، فإنّه يجب الإخفاء حينها، وقد اتفق العلماء على تسميته بالإخفاء
الحقيقي؛ ذلك لأنّ إخفاء النّون السّاكنة ونون التّنوين يتحقّق فيه أكثر.
وللنطق بالإخفاء
يقوم القارئ بنطق النّون السّاكنة ونون التنوين بحالة متوسّطة بين الإظهار
والإدغام، وذلك بلا تشديد، مع الإبقاء على الغنّة.
ومن الأمثلة على
الإخفاء: يَنْصُرْكُمُ، أَنْ صَدُّوكُمْ، عَذاباً صَعَداً.
مراتب الإخفاء:
وأمّا مراتب الإخفاء فهي
ثلاثة على النّحو التّالي:
§ أقرب الحروف في الإخفاء
مخرجاً من النّون السّاكنة، وهي ثلاثة أحرف: الطاء، والدّال، والتّاء.
§ أبعد الحروف في الإخفاء
مخرجاً من النّون السّاكنة، وهما حرفان: القاف والكاف.
§ أوسط الحروف في الإخفاء
مخرجاً من النّون السّاكنة، وهي العشرة حروف التي تبقّت.
أحكام الميم الساكنة:
للميم الساكنة بحسب الحرف الذي يأتي بعدها
ثلاثة أحكام رئيسة، وهي:
(1) الإدغام:
ويعنى ذلك أن يتمّ إدغام الميم
السّاكنة في ميم مثلها ولكنّها متحرّكة؛ حيث تكون واقعةً في بداية كلمة أخرى،
فتصبحان بذلك ميماً واحدةً مشدّدةً، ويسمّى
هذا الإدغام إدغاماً شفويّاً أو إدغاماً متماثلاً، مع مراعاة وجود غنّة كاملة، ومثال
ذلك: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ، لَهُمْ مَثَلًا، وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ،
أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ.
ويعني ذلك إذا وقع
بعدها ميم أخرى متحركة وهنا تدغم الميم الساكنة في الميم المتحركة وتصبح ميماً
واحدة مشددة، ويسمى هذا إدغاماً صغيراً ولابد من وجود الغنة فيه بمقدار حركتين
مثل: ﴿ خَلَقَ لَكُم مَا فِي الأَرْضِ ﴾.
(2) الإخفاء الشفوي:
ويكون عند حرف واحد وهو
الباء وتصحبه الغنة، فإذا وقع بعد الميم الساكنة حرف الباء مباشرة
تخفى الميم مع الغنة نحو : ﴿ يَعْتَصِم بِاللَّهِ ﴾ ﴿ يَوْمَ هُم
بَارِزُونَ﴾
ومعنى ذلك أن فيه يتم إخفاء
الميم السّاكنة، في حال وقع بعدها في الكلمة التّالية حرف الباء، ويسمّى في هذه
الحالة إخفاء شفويّاً، وذلك لأنّ حرفي
الميم والباء يخرجان من الشّفة، ومن الأمثلة على ذلك: يَوْمَ
هُمْ بارِزُونَ، يَعْتَصِمْ بِاللهِ، كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ، فَاحْكُمْ
بَيْنَهُمْ.
وينبغي الانتباه إلى أنّه
يجب على القارئ إطباق الشّفتين عند الإتيان بالإخفاء الشّفوي، دون أيّ انفراج
بينهما.
والإخفاء هو النطق بالحرف
بصفة بين الإظهار والإدغام بدون تشديد مع بقاء الغنة في الحرف الأول (الميم)
ويسمى هذا النوع من الإخفاء إخفاء شفويًا لخروج حرفه من الشفة.
(3) الإظهار الشفوي:
باقي الحروف عدا حرف
الباء والميم إذا وقعت بعد الميم الساكنة وجب إظهار الميم الساكنة.
حيث تظهر الميم السّاكنة في حال
وقع بعدها حرف من أحرف الإظهار، وهي كلّ الحروف الهجائيّة، ما عدا حرفي الميم
والباء، ويسمّى في هذه الحالة إظهاراً شفويّاً، ومن الأمثلة على ذلك: أَمْ
كُنْتُمْ، أَمْ حَسِبْتُمْ، يَمْشُونَ، تُمْسُونَ، الْحَمْدُ.
هذا ويكون الإظهار أشدّ مع حرفي الواو والفاء، ومن
الأمثلة على ذلك: وَهُمْ فِيها، هم في رحمة الله، أنتم وما، عَلَيْهِمْ وَلَا
الضَّالِّينَ
المراجع:
(1) بتصرّف عن كتاب المختصر المفيد في أحكام
التجويد/ مؤسسة الإيمان- بيروت/ الطبعة
الأولى.
(2) بتصرّف عن كتاب القول السديد في علم
التجويد/ على الله بن علي أبو الوفا/ دار الوفاء- المنصورة/ الطبعة الثالثة.
(3) بتصرّف عن كتاب فتح رب البرية شرح المقدمة الجزرية في علم
التجويد/ صفوت محمود سالم/ دار نور المكتبات- جدة/ الطبعة الثانية.
إقرأ المزيد على موضوع.كوم: http://mawdoo3.com/%D8%A3%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D9%88%D9%8A%D8%AF_%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9
إقرأ المزيد على موضوع.كوم: http://mawdoo3.com/%D8%A3%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D9%88%D9%8A%D8%AF_%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9
0 التعليقات:
إرسال تعليق